القاسم في نقود القواسم

القاسم في نقود القواسم

دراسة في المسكوكات المتداولة في عصر الشيخ سلطان بن صقر القاسمي

في هذا الكتاب -إن شاء الله تعالى- سوف نقوم بدراسة النقود التي جرى تداولها في الخليج العربي أثناء حكم القواسم،
وبصفة خاصة في المناطق التي خضعت لسيطرة القواسم.
وقد أجمل صاحب السمو الشيخ الدكتور/ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أن العملات
التي جرى تداولها في الخليج العربي بصفة عامة، وفي الإمارات العربية المتحدة بصفة خاصة، في أثناء حكم دولة القواسم،
في الفترة ما ب ن القرن ن السابع عشر والتاسع عشر؛ حيث أشار في كتابه: صراع القوى والتجارة في الخليج ) 1620 –
1820 م(: اختلفت قيمة العملات ووزنها أيضًا، بشكل واسع خلال فترة هذه الدراسة، وكانت علاقاتها المتداخلة معقدة
بشكل مماثل؛ ففي التجارة الفارسية، كانت وحدة الحساب المستخدمة بشكل أكر شيوعًا، أكر من كونها عملة، هي
التومان. وقد انحدرت قيمتها من 3 جنيهات و 7 شلنات تقريبًا إلى أقل من جنيه واحد )فقط حوالي عشرة شلنات وفقًا لأحد
التقارير في أعوام ( 1817 – 1820 م(، ولكن لأهداف حسابية، ما زالت تُعتبر خلال معظم الفترة بأنها ذات قيمة تساوي
3 جنيهات، أو 30 روبية. وقد هبطت قيمتها خارج بلاد فارس، وفي وقت من الأوقات كانت تساوي 20 روبية في غمبرون،
وكانت تبلغ فقط 15 روبية في البصرة، و 13 روبية في رأس الخيمة، وبقي التومان) 1( ثابتًا بشكل معتدل مقابل عملة الذهب
المفضلة في الأراضي العثمانية، أي الدوكات الفينيسية )البندقية )، التي كانت تبلغ حوالی نصف تومان، ومقابل دولار
ماريا تیريزا( كراون ألماني أو ريال) كان التومان يساوي حوالي ثمانية.
کان التومان يساوي عادة 200 شاهي أو 100 محمودي. وحيثما كان يوجد كعملة، كان المحمودي من الفضة،
والتومان من الذهب، لكن المحمودي مثل التومان، يعطي عادة قيمة متعارفًا عليها في حسابات شركة الهند الشرقية،
بشكل طبيعي 8 دوكات بندقية. وعلى التوالي، دخل الشاهي في الحسابات بقيمة 4 دوكات بندقية. وإدراج المحمودي في
)مسرد المصطلحات)يبين كيف انحدرت قيمته مثل قيمة التومان طوال فترة ما.
بعد التومان، كانت وحدة الحساب المستخدمة بشكل أكثر شيوعًا هي الروبية، لكنّ تنوعاتها كانت متعددة، وتبين
المصادر الأولية الأسعار المعادلة التي لا يفهم ظاهريًّا المراد منها، )والأمر نفسه يسري على الأوزان(، ويمكننا التأكد من أن
الروبية المحلية، أو الوحدة الأخرى كانت مستخدمة، وانبثقت روبية بومبي عن روبية سورات منذ حوالي عام 1800 م،
ولكن لا يزال هناك الكثير من الروبيات المحلية قيد التداول. وكانت الروبية أكثر استقرارًا مقابل الجنيه الإسترليني مما كان
عليه التومان. وكان العرف المتبع في شركة الهند الشرقية اعتبار روبية بومبي تساوي فلورين واحدًا )مسكوكة إنجليزية
قديمة تساوي شلنين، وليس الغيلدر الهولندي كما كان يعرف(. وكانت الروبية ودولار ماریا تیریزا هما العملتان المعدنيتان
المستخدمتان في الخليج؛ حيث كان الجنيه الإسترليني يساوي حوالي 13 روبية، أو 3 إلى 4 من دولار ماريا تيريزا، ولكن حتى
نهاية فترة الدراسة، كان دولار ماريا تيريزا يساوي حوالي 2,5 روبية.
بالرغم من عدم ذكر ذلك في الكتاب، إلا أن هناك نوعًا إضافيًّا من النقد ما زال قيد الاستعمال الشائع في بداية فترتنا
وهو اللارين، وكان عبارة عن قطعة من الفضة لافتة للنظر، على شكل عصا بحجم عود كبريت، يکبر حجمها عند نهايتها.
وكانت ستة منه تساوي دوكة بندقية واحدة، وقد استخدمت في ساحل لار، )حيث صُنعت هناك على الأرجح(، وكذلك،
في الساحل الغربي من الهند وجزر المالديف.
ويهدف هذا الكتاب إلى دراسة العملات المتداولة في دولة القواسم، وبصفة خاصة النقود التي أصدرها الشيخ )سلطان
بن صقر القاسمي( أثناء فترة حكمه، والتي تُمثل مظهرًا من أهم مظاهر الحكم والسلطان لدولة القواسم في تلك الفترة،
وقد أشار أحمد قاسم البوريني في كتابه: )الإمارات السبع على الساحل الأخضر( إلى العملات التي سكها وتداولها الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، فقال: العملة المتداولة هي الروبية الهندية، وتقسم إلى ١٦ آنه، ويساوي الجنيه الإسترليني
١٣,٤ روبية، وفي الساحل مصرف بريطاني واحد، مقره في )دبي(، وله فرع في الشارقة. وكان المرحوم الشيخ سلطان بن
صقر الأول، المتوفى سنة ١٢٨٢ه، قد سكّ عملة باسمه، ووحدة الوزن هي التُّولة، وهي وزن روبية، وكل ) ٤٠( تولة تساوي
رطلًًا )ما يقارب نصف كيلو(، ووزن ) ٤٥( تولة يُسمى )كاس(، ووزن تسعة أرطال أو ثمانية كاسات يُسمى )منّ(، وجمعها
أمنان.
وقد جاءت هذه العملات في معظمها من النحاس، واتخذت تصميمًا بسيطًا وهو التصميم المستدير، كما جاءت
الكتابات أيضًا بسيطة كلها تدور حول اسم الحاكم في فترة سك العملة أو اسم الشيخ سلطان بن صقر، وفي عملات أخرى
يمكن قراءة مدينة السك وتاريخ السك، وبعض الزخارف النباتية أو الهندسية البسيطة.
والنقود تُمثل وثيقة سياسية، واجتماعية، واقتصادية، ولها أهميتها الكبيرة لدولة القواسم في ذلك الوقت، فهي دليل
لا يقبل الشك على فترة حكم القواسم للمنطقة، وقيام دولة لها كيانها السياسي والاقتصادي.
وهي علامة الملك والسلطان، وشارة الحكم الرئيسة، التي تُعبر عن الكيان السياسي، الذي يتضح بجلاء من خلال هذه
المسكوكات، وهو ما يتفق مع الإطار التاريخي لحكمهم، وبصفة خاصة ما ذكرته المصادر والوثائق التاريخية المعاصرة عن
الدور الكبير الذي قام به الشيخ سلطان بن صقر القاسمي في الحفاظ ع ى ب اده، وصد هجمات المعتدين عليها، وطرد
المستعمرين، وهو الدور البارز الذي يشهد به التاريخ، ولا ينكره إلا جاحد أو حاقد.
ومن هنا، كانت هذه النقود وثيقة تاريخية تؤكد حكم الشيخ سلطان بن صقر القاسمي لهذه البلاد التي دافع عنها،
وحارب المستعمرين من أجلها، وليس هذا فحسب، بل إن إصدار هذه النقود يؤكد وجود الكيان الاقتصادي الكبير لدولة
القواسم في عهد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، الذي ساعده بشكل كب ر في إقامة مؤسسة لسك النقود اللازمة
والضرورية لاقتصاد الدولة، حيث سهل على الناس قضاء حوائجهم، من خلال ضخ عملة محلية تساهم في العمليات
التجارية المحلية والإقليمية؛ وذلك نظرًا للموقع التجاري المهم لدولة القواسم، الذي يتحكم في مدخل تجارة الخليج
العربي من جهة وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المستعمرين ضد حكم القواسم
لهذه البلاد، فكانوا يتربصون بحكمهم ودولتهم، وخصوصًا في فترة حكم الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، الذي خاض
ضدهم العديد من الحروب، وكان النصر حليفًا له ضدهم.
ومن هنا، كانت هذه العملات هي الوثائق التاريخية التي تؤرخ لدولة القواسم سياسيًّا واقتصاديًّا أثناء حكم الشيخ
سلطان بن صقر القاسمي، وهو ما يُلقي أهمية خاصة ع ى هذا الكتاب الجديد في بداياته؛ حيث يعرض لأول مرة هذه
المسكوكات، التي لم يسبق نشرها أو دراستها من قبل، وتُمثل أكبر مجموعة معروفة تُنشر على مستوى العالم من نقود
القواسم المختلفة، وخصوصًا نقود سلطان بن صقر القاسمي، التي تم تصنيفها في هذا الكتاب إلى مجموعة من الطرز؛
من حيث الشكل، والمضمون، والتاريخ.
ولم يقتصر هذا الكتاب فقط على تناول هذه المجموعة المهمة من مسكوكات الشيخ سلطان بن صقر القاسمي بالدراسة،
والتحليل، والنشر، ولكنه ألقى الضوء ع ى الإطار التاريخي والاقتصادي لفترة حكم الشيخ سلطان بن صقر القاسمي
بمزيد من التفصيل.
وكذلك، فإنه يُلقي الضوء ع ى أهم الأحداث التاريخية والاقتصادية في ضوء ما ورد في المصادر والوثائق التاريخية
المعاصرة، وكُتب الرحالة والمستشرق ن؛ حيث جرى مراجعة ما ورد في بعض المؤلفات من معلومات مغلوطة، أو التي
عليها الكث ر من المآخذ، وتوثق هذه الحقبة التاريخية المهمة من حكم دولة القواسم في عهد الشيخ سلطان بن صقر
القاسمي.
كما اهتم هذا الكتاب بدراسة العديد من أنواع النقود التي جرى تداولها في عصر الشيخ سلطان بن صقر القاسمي،
والتي تُمثل دليلًًا على الرواج التجاري الكبير، الذي حظيت به دولة القواسم في ذلك الوقت؛ مما كان له أثر كبير في جلب
الكثير من النقود للتعامل بها في أسواق البلاد وقبولها التجاري، والذي يشهد عليه ما ورد عنه في الوثائق والمصادر التاريخية
المعاصرة، أو ما جرى الكشف عنه من خلال المسوحات والتنقيبات التي قامت بها هيئة الشارقة للآثار بصفة خاصة، أو ما
عَثََر عليه بعض المواطنين من أهل البلاد، أو تلك التي نُقلت لبعض البلاد المجاورة، وعُثر عليها بالطريقة ذاتها.
ولعل أهم ما يجب أن نُشير إليه من مسكوكات جرى تداولها في هذا الكتاب هي التي تحمل مكان السك )بندر لنجة(،
وهي مجموعة جديدة لم يسبق نشرها أو دراستها من قبل، وتمثل أيضًا أكبر مجموعة معروفة عالميًّا من مسكوكات )بندر
لنجة(، ومحليًّا بمرضوف لنجة، ولعل الأهمية الكبيرة لهذه المسكوكات، التي ضُربت في بندر لنجة، تأتي من خضوعها
لحكم القواسم لفترة كبيرة من الوقت، وجاءت هذه المسكوكات بالكتابات العربية، وحملت بعض الحروف اللاتينية، التي
يُعتقد أنها اختصار أو تقليد لمسكوكات الشركة الهولندية.
على أيه حال، فإن عملات بندر لنجة هي في الغالب نقود محلية، أو ما يُمكن أن نُطلق عليه )نقود بديلة(، والتي جرى
استخدامها في بندر لنجة بصفة خاصة، ولم يجرِ تداولها لأكثر من ذلك. ولعل من المسكوكات الأخرى التي وجدت طريقها
للتداول في دولة القواسم، في فترة حكم الشيخ سلطان بن صقر، هي التي جُلبت بواسطة الشركات الأجنبية، والتي جرى
قبولها وتداولها في هذه الأثناء، مثل: الجنية الإنجليزي، والريال الإسباني، والإسكودا البرتغالي، فض اً عن مسكوكات
الشركات الأجنبية، مثل: شركة الهند الشرقية، والشركة الهولندية، والفرنسية، علاوة على النقود الموروثة في التداول في
منطقة الخليج والجزيرة العربية، مثل: ريال ماريا تيريزا، ودوكة البندقية.
كما اهتم الكتاب بدراسة العم ات العربية والإسلامية الأخرى، التي جُلبت من البلاد المجاورة، من خلال العلاقات
التجارية لدولة القواسم في أثناء ف رة حكم الشيخ )سلطان بن صقر القاسمي(، مثل: المسكوكات الهندية، والعثمانية،
واللارينية، ومسكوكات فترة حكم الشاهات في إيران.
ومن ثم، وفي ضوء ما سبق، يتضح لنا بجلاء الأهمية الكبيرة لهذا الكتاب، الذي يُلقي الضوء ع ى الإطار السياسي،
والاقتصادي، والنقدي لدولة القواسم في عهد الشيخ )سلطان بن صقر القاسمي(، في ضوء الوثائق التاريخية التي لا تقبل
الشك، ونعني بها المسكوكات، مع الاستفادة من كافة المعلومات التي ورد ذكرها في المصادر والوثائق التاريخية المعاصرة.

أهداف وصلاحيات واختصاصات هيئة الشارقة للآثار
دأب سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، عضو المجلس الأعلى ، حاكم إمارة الشارقة ، على استصدار القوانين…
دراسات في النقوش الصخرية في شبه الجزيرة العربية
أظهر السجل الأثري عر العالم شغف النفس البشرية بحب الفن والجمال منذ أقدم الأزمان، وعرّ الإنسان القديم عن مشاعره وإبداعاته…
تاريخ عمارة الجامع الأزهر منذ العصر الفاطمي حتى نهاية العصر المملوكي

محاضرتنا الاثنين القادم بعنوان “تاريخ عمارة الجامع الأزهر منذ العصر الفاطمي حتى نهاية العصر المملوكي” يقدمها الدكتور أحمد مجدي سالم، في تمام الساعة 4:30 مساءً.

لحضور المحاضرة يرجى الضغط على الرابط التالي:
https://us06web.zoom.us/j/85206671181?pwd=OG8yQzhwT0poK21Ld0F2bVJkYzI5dz09

error: disabled!!