نظمت هيئة الشارقة للآثار محاضرة افتراضية بعنوان “المنهجية العلمية لفحص وتحليل الآثار الخشبية وتقييم طرق العلاج والصيانة”، تحدث فيها الباحث محمد مصطفى، طالب الماجستير في الجامعة المصرية اليابانية في العلوم والتكنولوجيا، مُرمم أخشاب في المتحف المصري، وتطرق إلى كيفية اختيار المُرمم لأدواته وخطة الترميم، ولماذا نرمم.
جاء تنظيم المحاضرة ضمن سلسلة المحاضرات العلمية الأسبوعية المتخصصة التي تنظمها الهيئة في إطار نشر الوعي بترميم وصيانة الآثار، وتجاوز عدد الحضور 120 مُشاركاً من المُهتمين بالحفاظ على الآثار من داخل الدولة وخارجها.
وأشار الباحث محمد مصطفى إلى أن هناك سؤالين مهمين في عمليات ترميم الآثار والقطع الخشبية، هما: لماذا نرمم، وكيف يختار المرمم الأدوات الترميمية، حيث أن لكل قطعة قيمة فنية وجمالية وقيمة أثرية، وقيمة معلوماتية، تعكس ما تحتويه القطعة المعينة من معلومات فيها، يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء عملية الترميم.
وعرض الباحث مصطفى صوراً لقطع أثرية من مراحل زمنية متعددة، بيّن فيها القيم الفنية والجمالية والأثرية لتلك القطع، وكيفية التعامل معها وترميمها.
ولفت إلى أن قبل القيام بتنفيذ عمليات الترميم للقطع الخشبية الأثرية لا بد من الانتباه إلى الوقت والكلفة، خصوصاً أن المُرمم يختلف قليلاً عن الآثاري، من حيث أنه يحدد أولية الترميم، بناء على حالة القطعة وليس بناء على أهميتها وقيمتها الأثرية.
وأوضح أن من الأهمية بمكان معرفة عوامل التلف في المكان بشكل عام، فمعالجة مظاهر التلف لا تكفي، ولا بد من تحديد مكان مناسب لإجراء عمليات الترميم، خصوصاً أن الترميم ليس عملاً فردياً على الإطلاق، وهنا نشير إلى أن هناك دوماً مُرمم مختص بالصيانة العلاجية، ومُرمم مختص بالصيانة الوقائية.
وأشار إلى أن من المهم معرفة ما الذي نحتاجه من القطعة الخشبية الأثرية، كي نبدأ بالترميم، وأغلب الدراسات الحالية تعتمد على طرق غير مكلفة، وتقلل من معدلات التلف. وتطرق إلى معايير اختيار العينات بحيث تكون العينة ممثلة للهدف، وضرورة إشراك الإدارة في الاختيار، كي نحقق من خلالها أفضل استفادة، خصوصاً مع توافر خطة شاملة للترميم.
وأكد على أهمية التعقيم قبل البدء في عمليات الترميم، وصولاً إلى التقرير النهائي حول القطعة الأثرية التي تعرضت للتلف وتحتاج إلى صيانة وترميم، وضرورة توفير صور معبرة وواضحة للقطعة الأثرية توضح مراحل العمل في الترميم، لأنه قد يحصل للقطعة لاحقاً تلف جديد، فتكون تلك المعلومات المتوافرة من خلال الصور وافية وكاملة، وتسهم في إعادة الترميم من جديد بسهولة ويسر.
توثيق علمي
في حال العثور على قطع خشبية أثرية تعاني من التلف، ينبغي أولاً، توثيق القطعة علمياً، وجمع المعلومات كافة عنها، هويتها، المرحلة الزمنية التي أنتجت فيها، المواد الكيميائية والعضوية المكونة منها، بالإضافة إلى معرفة ظروف عملية اكتشافها، وإجراء فحوصات كاملة لمركباتها وألوانها، على اعتبار أن عملية التوثيق العلمي بهذه الصيغة من أهم مراحل الترميم، وبالتالي فإن هكذا تشخيص جيد يؤدي إلى وضع خطة علاجية ناجحة للقطعة الأثرية، كما أن مسألة معرفة التركيب الكيميائي للخشب مهمة جداً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أول عمل يمكن القيام به هو عزل وتعقيم القطعة الأثرية، والتوصيف، ومن ثم الترميم العلاجي من خلال اعتماد أفضل الأساليب القابلة للتطبيق حسب حالة ودرجة التلف أو التحلل.
تتعرض القطع الأثرية الخشبية للكثير من التغيرات الفيزيائية أو الكيميائية، وبالتالي للتلف، ويمكن القول إن تلف المواد العضوية النباتية يعتمد أساساً على التفاعلات الداخلية للسليولوز والمركبات العضوية الأخرى، وقد يشترك أكثر من عامل من عوامل التلف في إنتاج مظاهر معينة للتلف، وتعاني الأخشاب الأثرية من العديد من مظاهر التلف مثل تآكل الخشب، ضعفه، انفصال الألياف، والتعرض للتشقق.