في إطار جهود هيئة الشارقة للآثار في نشر الوعي بالمقتنيات الأثرية واللوحات بين فئات المجتمع والمختصين بالمجال، نظمت الهيئة مساء الاثنين، محاضرة عن بُعد عبر تطبيق “زوم”، بعنوان “المنهجية العلمية لترميم وكشف تزوير اللوحات الزيتية الأثرية”، قدمها الباحث والمحاضر السابق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة جازان في السعودية الدكتور محمود سيد قرني بحضور أكثر من 200 مشارك من المُهتمين بالحفاظ على التراث وترميم اللوحات الفنية، كالباحثين والمتخصصين من كل دول العالم.
وركز المُحاضر على التعريف بأهم مكونات اللوحات الزيتية الأثرية، وأبرز مظاهر التلف والعوامل المسببة لها، فضلاً عن أنسب المواد والطرق المستخدمة في ترميم اللوحات الزيتية الأثرية، وأشهر السرقات العالمية، والطرق التقليدية والحديثة المستخدمة في كشف تزوير اللوحات الزيتية الأثرية، كما طرح المنهجية العلمية لترميم وكشف تزوير اللوحات الزيتية الأثرية، بالإضافة إلى ميكانيكية تلف اللوحات الزيتية والعوامل المؤثرة في ذلك، للوصول لأنسب طرق الترميم والصيانة.
اللوحات الزيتية الأثرية
واستهل المحاضرة محمود سيد قرني بالتعرف على مكونات اللوحات الزيتية الأثرية، متناولاً الخصائص المختلفة للحوامل وأرضيات التصوير، بالإضافة إلى مكونات طبقة اللون وأشهر أنواع الورنيشات التي استخدمها الفنانون، كذلك أهم مظاهر تلف اللوحات الزيتية الأثرية، وخاصة مظاهر التلف التي تنتج عن الأخطاء التي يقع فيها الفنانون، ثم استعرض أهم الطرق والمواد المستخدمة في ترميم اللوحات الزيتية مثل طرق التنظيف والتقوية والحماية لطبقة اللون، والتبطين والتحضين لحوامل اللوحات الزيتية.
أما بالنسبة لكشف تزوير اللوحات الزيتية الأثرية، فقد تناول الباحث الفرق بين التزوير والتزييف، وكذلك المطلوب من خبير كشف تزوير اللوحات الزيتية، والطرق التقليدية والحديثة المستخدمة في كشف تزوير اللوحات الزيتية، مع بيان لعيوب ومميزات كل طريقة، وكيف تمكن المزورون والمزيفون من التغلب على هذه الطرق، حيث استعرض أشهر الطرق لكشف تزوير اللوحات الزيتية، وهي طريقة المفارقات التاريخية، وطرق الفحص والتحليل وكيفية استخدامها للتأكد من أصالة اللوحة الزيتية، كما اختتم المحاضرة بأهم التوصيات للحفاظ على اللوحات الزيتية الأثرية من السرقة والتزوير.
المنهجية العلمية لترميم اللوحات
وذكر الدكتور محمود سيد قرني أن اللوحات الزيتية تعتبر شكلاً من أشكال تطور فن التصوير في مصر القديمة والعراق، وقال:” عند دراسة اللوحة تاريخياً لابد من مراعاة أربع نقاط رئيسة، ألا وهي: الدراسة التاريخية والفنية للوحة مثل تاريخ اللوحة، اسمها، اسم الفنان، المدرسة المنتمي لها، الجهة التابع لها اللوحة، الوصف الفني للعمل، كما تم الطرق إلى التعرف على التركيب التشريحي للوحة، والتعرف على أهم مظاهر التلف والعوامل المسببة لها من خلال الفحص والتحليل، ورابعاً عمليات الترميم والصيانة”.
طرق فحص اللوحة
وتناولت المحاضرة طرق الفحص على اللوحة حيث أنها تختلف باختلاف ما يبحث عنه الباحث أو المُرمم، وتتمثل في الفحص بطريقة القطاعات العرضية، أو باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، أو الأشعة الحمراء، أو السينية، كما تم شرح طريقة الفحص باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني الماسح، حيث يتم هذا النوع من الفحص من خلال تعرف الباحث على شكل حبيبات المواد الملونة، والارتباط بينها وبين الفراغات البينية، للتعرف على حالة التلف غير المرئي، بالإضافة إلى شرح دراسة وتحليل حامل الكانفاس للوحة من خلال التعرف على نوع الألياف من خلال الفحص عن طريق الميكروسكوب الضوئي لمعرفة التركيب النسيجي للوحة وكثافته.
أسباب مظاهر تلف اللوحة
وبالنسبة لأسباب تلف اللوحة أفاد الدكتور المحاضر أن هناك أسباباً مسترجعة يمكن علاجها وغير مسترجعة، وعادة تنشأ معظم مظاهر التلف بسبب الزمن أو التقادم الطبيعي للوحة ، أو نظراً لطبيعة التركيب العام للوحة والخامات والألوان، حيث تلعب عوامل التلف الخارجية دوراً في تشوه اللوحة من الناحية الفنية، وكذلك ترجع عوامل التلف إلى التقنية التي استخدمها الفنان نفسه، وأسلوب ونوع المواد الملونة المستخدمة، والوسيط الزيتي لخلط المواد الملونة وأرضية التصوير ونوع الكانفاس وخصائصه، مما يسبب الانكماش والتمدد نظراً لارتفاع درجة الحرارة والرطوبة.
مظاهر تلف يمكن علاجها
وتطرقت المحاضرة إلى مظاهر التلف التي يمكن علاجها مثل ” الكراكليز” وهي عبارة عن انفصالات رأسية في طبقة واحدة من كل طبقات اللون، والتي ينتهي تأثيرها عند آخر طبقة من الطبقات السفلية من اللون، أما “التشرخات”، فتحدث في انفصالات على سطح اللوحة الزيتية وتمتاز بطول أضلاعها، وبالنسبة لـ “الانفصام” ذكر بأنه هو المرحلة الأولى للتقشر، وهو مرحلة وسط بين التشرخات والكراكليز من جهة، والتقشرات من جهة آخرى.
وبالنسبة إلى “البثرات”، أوضح أنها عبارة عن ثقوب هوائية دقيقة، تشبه رأس الدبوس، تظهر نتيجة تعرض اللوحة للحرارة لفترة طويلة، أو تشبعها بالهواء، أو تواجد الغراء بنسب أكبر، كما تم التطرق إلى “التمزق”، وهو فصل خطي غير منتظم، يحدث نتيجة للشد، أو التمدد الزائد، أو ضغط ناتج عن تلف ميكانيكي.
مراحل الترميم
وأشار المحاضر إلى مراحل الترميم والصيانة وهي إزالة الورنيش، التنظيف، تقوية اللون، علاج الشحوب، تثبيت تقشيرات طبقة اللون، علاج التشرخات والكراكلير، وفيما يتصل بعلاج مظاهر تلف حامل الكانفاس قال:” تتم عملية علاجه عبر عدة خطوات أبرزها تنظيف الكانفاس عبر الممحاة، وعلاج حموضيته، ورتق التمزقات وعلاج الفجوات، فضلاً عن التبطين”.
كشف تزوير اللوحات الزيتية
وأوضح الدكتور محمود سيد قرني، الفرق بين التزوير والتزييف، ذاكراً أن التزوير هو تقليد رسم لوحة أثرية عالمية والتوقيع عليها باسم فان جوخ أو بيكاسو- مثلاً، وفي الواقع فإن الذي رسمها فنان عادي اسمه محمد سيد. بينما التزييف هو تنفيذ نسخة طبق الأصل من لوحة فنية مشهور بخامات جديدة، والتوقيع باسم الفنان نفسه، منوهاً إلى أن القيمة الجمالية للوحات المزورة أحياناً تكون أعلى من العمل الحقيقي والأصلي بالنسبة لدراسي اللوحات الزيتية، بسبب تقليد المزور الفنان الأصلي تقنياً وابداعياً، وذلك نتيجة تطور عمليات التزوير التي اتجهت نحو الإبداع.
وشرح معايير اختيار خبير كشف تزوير اللوحات ألا وهي امتلاكه الخبرة الكافية في طرق التزوير، سواء البدائية أو المتقدمة، والقدرة على كشف تزوير اللوحات عبر الأجهزة والتقنيات، والمعرفة في التقادم الصناعي والطبيعي، فضلاً عن امتلاكه الخبرة التاريخية والكيمايئية والفيزيائية والفنية، كما تم التطرق إلى الطرق المستخدمة في كشف اللوحات الزيتية أبرزها “الفحص البصري عبر الخبير الفني، والمفارقات التاريخية التي يفترض أنها موجودة وقت تنفيذ اللوحة الأصلية، إلى جانب الفحص بالأشعة فوق البنفسجية، والأشعة السينية، ودراسة الوسيط الزيتي، والدراسة المامروفوتوغرافية لسطح اللوحة.
تاريخ المصائد الحجرية باستخدام التقنية المستحدثة في التألق الضوئي لسطح الحجر
على الصعيد ذاته، تُعلن هيئة الشارقة للآثار عن عزمها تنظيم محاضرة من المُقرر انعقادها يوم الاثنين 5 أكتوبر 2020، حول تاريخ المصائد الحجرية باستخدام التقنية المستحدثة في التألق الضوئي لسطح الحجر، عبر تطبيق “زوم”.
وتتمثل رؤية هيئة الشارقة للآثار تتمثل في جعل الشارقة رائدة بمجال حماية الآثار، وصون المكتشفات الأثرية، واتباع أفضل الممارسات والمعايير لحماية المواقع الأثرية والمناطق التاريخية، حيث أن إمارة الشارقة يتوافد عليها عدد من بعثات التنقيب الأثرية الأجنبية التي تعمل بالإمارة بموجب اتفاقيات عمل خاصة، وتحت إشراف هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع البعثة المحلية، بالإضافة إلى أن هناك العديد من المواقع الهامة وعلى رأسها موقع مليحة كأحد أهم المواقع الأثرية في دولة الإمارات العربية المتحدة.