نظمت هيئة الشارقة للآثار محاضرة افتراضية بعنوان “الموروث الأثري والحضاري لمدينة الأقصر القديمة”، للباحث الدكتور خالد عصام الدين، من المتحف المصري الكبير في وزارة السياحة والآثار المصرية، تحدث فيها عن تاريخ مدينة الأقصر القديمة، والموروث الديني والحضاري والاجتماعي خلال العصرين البطليمي والروماني، كما تطرق الباحث إلى الموروث الأثري العسكري في الأقصر القديمة خلال العصر الروماني، بالإضافة إلى الموروث الفني والثقافي خلال العصرين البطليمي والروماني.
جاء تنظيم المحاضرة ضمن سلسلة المحاضرات العلمية الأسبوعية المتخصصة التي تنظمها الهيئة في إطار نشر الوعي بترميم وصيانة الآثار، وتجاوز عدد الحضور 140 مُشاركاً من المُهتمين بالحفاظ على الآثار من داخل الدولة وخارجها.
وفي التفاصيل، أشار الباحث الدكتور خالد عصام الدين، إلى أن مدينة الأقصر القديمة لعبت دوراً دينياً وسياسياً كبيراً عبر التاريخ، خصوصاً منذ عصر الأسر الفرعونية، حتى العصرين البطليمي والروماني، فقد كانت لاعباً أساسياً في المشهد السياسي، كما أنها كانت المركز الرئيس لعبادة الإله آمون رع، ومقراً لأهم وأكثر المعابد المصرية قدسية في مصر القديمة، وقد ساهم الدور الديني والسياسي الكبير الذي لعبته المدينة، والشهرة الواسعة التي حظيت بها في العالم القديم، بأن تكون قبلة السائحين ومحظ أنظار الأقدمين والرحالة والمؤرخين الذين تناولوا ذكر المدينة في مؤلفاتهم وكتاباتهم التي لا تزال تحفظ لنا الكثير عن أسرار المدينة القديمة ومعالمها الرئيسة.
الأقصر عبر التاريخ
قال الدكتور خالد عصام الدين: “لقد عرفت مدينة الأقصر قديماً في النصوص المصرية القديمة باسم إقليم واست، وخلال عهد الدولة الوسطى أطلق عليها اللقب “أيونو الجنوبية”، تمييزاً لها عن مدينة أيونو الشمالية، وخلال عهد الدولة الحديثة حملت اللقب “واست المنتصرة، سيدة كل المدن”، وخلال العصر البطليمي والعصر الروماني عرفت باسم مدينة ديوس بولس ماجنا، نسبة إلى اسم المعبود زيوس الذي اقترنت عبادته بعبادة الإله أمون رع، المعبود المحلي في المدينة”.
وتابع: أطلق عليها العرب اسم الأقصر، وهي جمع قلة، في إشارة إلى معابدها الكبيرة ذات البوابات شاهقة الارتفاع، وقد ورد هذا الاسم عند ابن الرومي، وابن الخرداذبة، وفي بعض الأحيان كان يطلق عليها اسم الأقصرين، في إشارة واضحة إلى معبد الإله أمون بالأقصر، ومجمع معابد الكرنك.
وأضاف: على الرغم من محاولات البطالمة الجادة لاستمالة الكهنة إلى جانبهم، إلّا أن هذا الأمر لم يمنع المصريين من الدفاع عن حقوقهم الشرعية، ما أدى إلى نشوب ثورات متكررة خلال العصر البطليمي، من أهمها تلك الثورة التي اندلعت عام ٢٠٥ قبل الميلاد، حيث أعلن زعماء الثورة انفصالهم عن سلطة البطالمة القائمة في الشمال، لكن هذه الثورة لم تكمل طريقها، فقد استطاع الملك بطليموس الخامس من إخمادها وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
وأشار إلى أنه في العام ٨٨ قبل الميلاد، اندلعت ثورة أخرى في طيبة ضد الحكم البطليمي أكثر قوة من سابقاتها، ما اضطر الملوك إلى محاصرة المدينة، ويحكي لنا أفلاطون بن أفلاطون الذي كان يحكم إقليم طيبة حينها، ظروف وملابسات تلك الثورة، إذ اعتبرها من أصعب وأحلك المواقف التي عاشتها طيبة على مدار تاريخها، وقد أورد بعض تلك الأحداث وتفاصيل كثيرة على عمود الظهر في تمثاله الشهير المحفوظ في متحف القاهرة.