نظمت هيئة الشارقة للآثار، في مقرها بمنطقة حلوان بالشارقة، لقاءً تعريفياً بأهم إصداراتها النوعية في مجال الآثار، وإنجازاتها في مجال البحث والتنقيب في المناطق التابعة لإمارة الشارقة، وجاء اللقاء بمناسبة احتفالات الشارقة بعد نيلها لقب العاصمة العالمية للكتاب 2019م.
واستعرض عيسى يوسف، مدير إدارة الآثار والتراث المادي بهيئة الشارقة للآثار، عدداً من الإسهامات العملية الواضحة التي أنجزتها الهيئة خلال مسيرة طويلة من العمل البحثي والنظري والتطبيقي المهم في مجال الآثار، والدراسات والاكتشافات والتنقيبات المتواصلة، التي رافقت هذه الجهود وعززتها بإصدارات نوعية وبنتائج ومعلومات جديدة، تم نشرها لأول مرة، وحظيت بصدى إعلامي واسع محلياً وعربياً وعالمياً
وأشاد عيسى يوسف، في مستهل حديثه برؤى وتوجيهات ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حفظه الله، والتي كان لها بالغ الأثر خلال الأربعة عقود الماضية في تطوير العمل الأثري بالإمارة، وفي إثراء المشاركات الدولية لهيئة الشارقة للآثار في أهم اللقاءات والمناسبات العالمية، التي احتضنتها المتاحف الدولية العريقة المتخصصة بعلم الآثار، وعرض المقتنيات ونشر الدراسات المتعلقة بهذا الحقل الثقافي، الذي يترجم تاريخ الشعوب والهجرات البشرية والتحولات الإنسانية الكبرى على مدار آلاف السنين وتم عرض إنجازات الهيئة في مجال الوعي الأثري، والمحافظة على التراث الثقافي لإمارة الشارقة فيما يخص مجال الآثار واللقى الأثرية، وتناول في المحور الثاني جهود إمارة الشارقة في مجال حماية وإدارة المكتشفات الأثرية، أما المحور الثالث فكان مخصصاً لاستعراض مجموعة من الإصدارات الجديدة للهيئة في مجال حماية الآثار والتراث الثقافي للإمارة، وتم التطرق خلال اللقاء للنشاطات المنجزة خلال المرحلة الماضية، ومنها نشاط الترميم والصيانة والتوثيق للمباني الأثرية، وتنظيم الشراكات مع بعثات الآثار الأجنبية في إطار التعاون المتبادل، وهي البعثات القادمة من بلجيكا، وألمانيا، واليابان، وإسبانيا، والبرتغال، وأميركا، حيث كانت لكل بعثة مهام وتخصصات محددة في حقول الآثار المختلفة، وذلك بالتنسيق مع الهيئة ومع فرق الآثار المحلية.
الإنجازات التي حققتها الهيئة، ومنها إثبات طريق الهجرة الجنوبية من أفريقيا إلى شبه الجزيرة العربية خلال العصور الحجرية المبكرة، والتي تمكن فيها أشباه البشر (الهومو إريكتوس، والهومو سابيناس)، من قطع البحيرات الضحلة القريبة من باب المندب للوصول إلى الجزيرة العربية، والانطلاق بعدها إلى أصقاع آسيا وأوروبا في مسيرة واسعة وممتدة من الهجرات البشرية، التي مهدت لظهور الحضارات المختلفة حول العالم.
وقال يوسف، إن نتائج هذا الاكتشاف المدوّي تم نشرها في المجلات العلمية الرفيعة، وتم إلقاء الضوء عليها من قبل وسائل الإعلام الكبرى مثل: الـ «بي بي سي»، ومجلة «نيتشر»، وغيرهما من المحطات والمجلات العالمية ، وأن هيئة الشارقة للآثار، تحرص على تعزيز الخريطة الأثرية لإمارة الشارقة، من خلال البحث والتحري عن المواقع الأثرية المنتشرة فيها، والقيام بعمليات التنقيب عن الآثار، وترميم وصيانة المكتشفات الأثرية باعتبارها إرثاً تاريخياً، وطنياً وإنسانياً، مؤكداً أن الآثار لا تحمل أهمية وقيمة تاريخية فحسب، وإنما تسهم أيضاً في جذب فئات واسعة من السياح والمهتمين بهذه المقتنيات الثمينة.
واطلع المشاركون في اللقاء على المعرض المصاحب، الذي ضم مجموعة من أحدث إصدارات الهيئة من الكتب والحوليات، في مواضيع متخصصة بالآثار، والتراث، والتاريخ، والعمارة، ومن أبرزها: كتاب «الوجيز في العمارة الإسلامية المبكرة»، من إعداد ك.أ. كروزيل، وراجعه: جيمس ويلسون ألن، وترجمه: عبدالله علي الرحيبي، وكتاب «عصور ما قبل التاريخ وجيولوجيا العصر الحديث الأقرب «البلايستوسين» في «قورينائية – ليبيا»، من تأليف: س.ب.ماكبيرني ودبليو.هي، من ترجمة وإعداد: د. صباح عبود جاسم، إلى جانب المجلة الرسمية للهيئة.
وزار الحضور المعرض الدائم في هيئة الشارقة للآثار، الذي يتضمن عدداً كبيراً من المكتشفات والقطع واللقى الأثرية القيّمة والنادرة، التي تم اكتشافها منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، في مواقع مختلفة بإمارة الشارقة، والتي تثبت التاريخ العريق للإمارة، ومن بينها الاكتشافات المهمة في مليحة، التي أثبتت أن أقدم ذكر لمملكة عُمان كان في نهاية القرن الثالث قبل الميلاد، وذلك على خلاف ما عُرف عنها عندما ذكرت في الكتابات الكلاسيكية خلال القرن الأول الميلادي، ويمكن مشاهدة هذه الكتابة على شاهد القبر المميز والفريد في شبه الجزيرة العربية، وهو الوحيد الذي حمل نوعين من الخطوط هما خط المسند والخط الآرامي. وفي نهاية اللقاء، قام المشاركون بجولة في المختبر، حيث تعرفوا إلى الطرق المتبعة في فحص القطع الأثرية وترميمها.