في إطار استراتيجيتها لاستدامة وصون التراث الثقافي المادي لإمارة الشارقة ومشاركته مع العالم، قدمت هيئة الشارقة للآثار موقع “الفاية” الأثري في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي “كوب28” ضمن جلسة “التراث الطبيعي والثقافي للواحات في مصر” كجزء من دراسة المقارنة من خلال جلسات اليونسكو المشارك في الجناح المصري، وذلك ضمن اهتمام اليونسكو بالتراث الثقافي والطبيعي للبيئات القديمة في المنطقة العربية.
واستعرض الدكتور كنوت بريتزكي، رئيس البعثة الأثرية الألمانية بإمارة الشارقة والمدير المشارك لمشروع التعاون بين هيئة الشارقة للآثار وجامعة “توبنجن” في ألمانيا، الذي يمتد لثلاثة عقود حول العصر الحجري القديم في المنطقة، موقع الفاية الأثري في إمارة الشارقة، والذي من المقرر أن يتم ترشيحه لقائمة التراث العالمي في عام 2024، وبعض الأمثلة على مواقع ما قبل التاريخ المبكرة من الواحات لرفع مستوى الوعي حول العصر الحجري في المنطقة، بالإضافة إلى تقديم رؤى حول الاستراتيجيات السلوكية في الواحات والصحاري التي تعتبر أنظمة بيئية حيوية في المناطق القاحلة والمعروفة بتنوعها الثقافي والبيولوجي الفريد.
معلمًا أثرياً يعكس للعالم دلالة صادقة على التاريخ العريق والحضارة الموغلة في الأصالة والقدم لإمارة الشارقة
وقال سعادة عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار:” يُسعدنا أن نقدم ونشارك العالم موقع الفاية الأثري، ضمن فعاليات “كوب 28″، المنصة العالمية الأساسية التي تُشكل فُرصة ثمينة لتحقيق أهدافنا المتعلقة بالتواصل المعرفي وتبادل الخبرات مع باحثين ومختصين في الحواضر العالمية الكبرى المعنية باكتشاف المعالم الإنسانية القديمة، استناداً لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لإبراز هوية وإرث الشعوب، حيث شكل استعراض موقع الفاية المُسَجل على القائمة التمهيدية للتراث العالمي لليونسكو تحضيراً لترشيحه رسمياً على القائمة النهائية في 2024، معلمًا أثرياً يعكس للعالم دلالة صادقة على التاريخ العريق والحضارة الموغلة في الأصالة والقدم لإمارة الشارقة، وتنقل إلى شعوب الدول الأخرى بأن الشارقة زاخرة بوجهاتها الأثرية وقادرة على تقديم تجربة مبهرة على صعيد السياحة التراثية الثقافية بأجمل صورها”.
وأكد مدير عام هيئة الشارقة للآثار على أهمية اختيار موقع الفاية الأثري لكونه نموذج للمشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في المنطقة الوسطى بإمارة الشارقة، وشاهد على الاستيطان البشري في المنطقة، حيث يعتبر علماء الآثار الفاية بمثابة أرشيف استثنائي يؤرخ تعايش الإنسان في العصور الحجرية مع الواحات واستفادته منها وتكيفه مع بيئة صحراوية قاسية، ووثقت الدراسات الأثرية والبيئية للطبقات التاريخية في الموقع استمرارية الاستيطان البشري منذ 210.000 سنة.
أهمية الواحات باعتبارها نظاماً بيئياً حيوياً في المناطق الصحراوية الجافة المعروفة بتراثها الثقافي والبيولوجي الفريد
وتناول الدكتور كنوت بريتزكي في هذه الجلسة أيضاً مواجهة هذه النظم البيئية تهديدات من الاستغلال المفرط وتغيرات استخدام الأراضي وتغير المناخ، وطرق الحفاظ على استدامة الواحات وما يتطلبه ذلك من استراتيجيات الحفاظ والإدارة المستدامة، حيث يعمل المكتب الإقليمي لليونسكو في القاهرة ومعهد سينكنبرغ وشركاء من المنطقة العربية معاً لإنشاء مبادرة عالمية لتوفير فهم شامل للواحات، ودمج كل من الطبيعة والثقافة من الماضي والحاضر.
أحد أهم وأقدم مواقع العصر الحجري القديم في شبه الجزيرة العربية
ويقع موقع الفاية الأثري في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو أحد أهم مواقع العصر الحجري القديم في شبه الجزيرة العربية، حيث كشفت عمليات التنقيب الأثري في عام 2009 عن وجود استيطان بشري يعود إلى 125000 عام، حدث في ظل جملة غير متوقعة من الظروف المناخية وقبل ذلك بكثير مما كان يُعتقد سابقاً، مما يجعله أقدم موقع بشري معروف في شبه الجزيرة العربية، وباستخدام مجموعة متطورة من التقنيات الأثرية والمناخية القديمة وتقنيات التأريخ، تمكن الفريق من إعادة بناء أربع مراحل متميزة من الإستيطان البشري بين 210,000 – 120,000 سنة ماضية، حيث يوضح أن البشر قاموا باستيطان الموقع خلال الظروف المناخية الجافة والرطبة.
وجديرٌ بالذكر أن السمات الجيومورفولوجية توثق على طول نطاق الفاية هذه الأحداث والتغيرات مما ساعد على فهم هذه الحقبة الزمنية الهامة من تاريخ المنطقة، مما ساهم المزيج الاستثنائي من توافر مصادر المياه والمواد الخام والكهوف التي تم استيطانها، في جعل الفاية أقدم مشهد صحراوي مأهول بالسكان في العالم مما يسد فجوة معرفية لفهم التطور البشري المبكر وتكيفه في صحراء شبه الجزيرة العربية.
الشارقة رائدة بمجال حماية الآثار
وتتمثل رؤية هيئة الشارقة للآثار، في جعل الشارقة رائدة بمجال حماية الآثار، وصون المكتشفات الأثرية، واتباع أفضل الممارسات والمعايير لحماية المواقع الأثرية والمناطق التاريخية، حيث أن إمارة الشارقة يتوافد عليها عدد من بعثات التنقيب الأثرية الأجنبية التي تعمل في الإمارة، بموجب اتفاقيات عمل خاصة، وتحت إشراف الهيئة بالتعاون مع البعثة المحلية.