Skip to main content


الإمـــــــــــارات العربيــــــــــــة المتحدة

إمــــــــــــــارة الشــــــــــــــارقة

المجلس البلدي لمدينة دبا الحصن

قائمة حصر التراث الثقافي

(3) سمك “العُوَالْ”

العُوَالْ؛  السمك المجفف، وهو وسيلة من وسائل حفظ السمك بالتمليح والتجفيف للطعام، عبارة عن شرائح طويلة من لحم سمك القرش الصغير الذي يسمى “اليريور”، ويستخدم العُوَالْ كوجبة تقليدية لذيذة الطعم بعد طهيه من إبداع أهل مدينة دبا الحصن على ساحل بحر عمان في شمال شرق إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة وأضحت من الوجبات التقليدية المهمة على مائدة أهل الإمارات.   

بعد صيد سمك القرش الصغير الذي يسمى اليريور باستخدام شبكة الليخ بكميات كبيرة؛ ابتدع الصيادون وسيلة حفظ هذا النوع من الأسماك بتجفيفها لحفظها لفترات زمنية طويلة تستمر لأكثر من عام من أجل تأمين الغذاء، وتمر عملية تحضير العوال بعدة مراحل؛ حيث تبدأ بصيد سمك القرش الصغير الحجم “اليَرْيُوْر” بكميات كبيرة باستخدام شبكة اللِّيْخ، يتم قطع رأس السمكة والزعانف وشق بطنها وإزالة الأحشاء ومن ثمَّ إزالة كل العظام، ويتم إزالة الجلد، وبعد ذلك تقطَّع في شكل شرائح طولية وتلتقي جميعها عند الذيل، وتغسل بالماء ويتم تمليحها بالملح الخشن، ثمَّ تعلق على حبل مشدود على شعب من سوق الأشجار أو الأخشاب، لتجفيفها بالهواء وأشعة الشمس لمدة ثلاثة أيام، ثم تغسل بماء البحر لإزالة الملح ومن ثم تجفف مرة ثانية بأشعة الشمس والهواء، وتتراوح مدة التجفيف ما بين أسبوع إلى شهر، ولضمان جفافها بشكل جيد لابد من تعليقها بحيث تكون شرائح السمكة متباعدة ويتم تقليبها بحيث تتعرض لأشعة الشمس من كل جانب، وبعد ذلك يتم تعبأتها في أكياس من البلاستيك، وبذلك تكون جاهزة للبيع وفي انتظار من يشتريها من المواطنين من أهل مدينة دبا، ويتم عرضها في سوق السمك وفي الأسواق الأخرى في إمارة الشارقة وفي غيرها من الإمارات، كذلك ينتج الصيادون العوال لتأمين غذاء أسرهم خلال العام. في السابق كان منتجو العُوَال هم من يجهزونه للبيع، وزبائنهم من سكان المناطق البعيدة عن البحر بالدرجة الأولى، يشترونه بكميات كبيرة ويخزنونه لاستهلاكه طوال العام. ولم تكن الثلاجات معروفة في تلك الآونة، ولم يكن الوصول إلى باعة السمك مشواراً سهلاً لأهل البادية، لذا بقي الحصول على الأسماك المجففة وتجفيفها خياراً جيداً بالنسبة لهم، فالعوال من أنواع السمك التي لا تحتاج لحفظها في الثلاجة وتظل صالحة لفترة طويلة. وكان صيادو الأسماك يحرصون على انتقاء سمك القرش الجيد لتقطيعه شرائح طويلة وفصل رأسه، وتنظيف أحشائه جيداً، وسلخ جلده مع بقاء شرائحه متصله ببعضها، ثم غمره بالملح من كل جانب بشكل جيد، ويترك عليه الملح لمدة ثلاثة أيام، ثم يغسل بماء البحر لإزالة الملح، وبعد ذلك ينشر ويجفف في الشمس مرة أخرى على أن يقلب كل يوم. وتعلق على حبال حتى تجف وتختلف أطوال شرائح العوال وأحجامها باختلاف تقطيعها،  فالسمك الصغير يقطع على هيئة مربع يباعد بين ضلعيه بعصا لزيادة مساحته المعرضة إلى الشمس،  أما السمك الأكبر حجماً فيقطع إلى عدة أجزاء على هيئة الأصابع،  وتعرض إلى أشعة الشمس وتتباين مدة تجفيف العوال بتباين أحجامه واختلاف حالة الطقس، وقد تصل إلى شهر. وعادة ما يكون العوال صالحاً للإستهلاك مدة عام. ويؤكل غالباً في الغداء، ويشكل إحدى المواد الغذائية الرئيسية في الرحلات البرية الطويلة.

كان أهل البحر يعتنون بتجفيف الأسماك جيداً، كي تباع بسعر جيد، وبرع بعض السماكين في إنتاج “العوال” حتى كانت أسماؤهم كافية لرفع سعره، كما أن معظم سيدات الساحل كن بارعات في تجهيز وجبة العوال وتجفيفها ثم تخزينها لأيام الشتاء التي ينعدم فيها الصيد ويندر، أو إرسالها كهدايا للأهل القاطنين في المناطق البعيدة عن الساحل. ويستهلك العوال خلال عام من تجفيفه وتمليحه، فهو يبقى صالحاً لسنة واحدة فقط، وبعد ذلك يتغير لون لحمه إلى اللون البني ويصبح طعمه غير مستثاق إذا طبخ، وعندها يحول إلى علف للماشية. ويستخدم العوال لطهي عدة أطباق في مائدة أهل الإمارات، على رأسها الجشيد، والبعض يطهو منه طبق المكبوس أيضاً، لكنه في كل الحالات يغسل جيداً ويطهى بالماء النظيف لبعض الوقت حتى يلين مع الحرص دوماً على تبديل الماء مرتين أو أكثر كي تزول الملوحة منه، وعند الإعداد يطبخ في قدر آخر بالبصل والثوم المدقوق والفلفل البارد والفلفل الحار والبهارات والطماطم حتى تذوب الخضروات ثم يضاف لها العوال المطبوخ في القدر الأول وقليل من الماء ويختار البعض إضافة بعض الزعتر البري لتحسين النكهة، ويترك لربع ساعة حتى يخف منسوب الماء ويصبح العوال لينا ليقدم على الأرز الأبيض.

استدامة التغذية بالسمك المجفف من الممارسات والمعارف المرتبطة بالطبيعة الموغلة في القدم والمستمرة، وتعد من معارف حفظ الطعام بالتجفيف، وجاءت نتيجة الحاجة لتناول الأسماك حين يقل أو ينقطع الطازج منها، في أوقات كان من الصعب الخروج فيها للصيد لأسباب مناخية، وأيضاً لأن الكثير من التجمعات البشرية كانت بعيدة عن البحر، فمنهم من يسكن الجبال أو الأودية، حين لم تكن تتوفر الوسائل الحديثة للنقل، ومن هنا كان تجفيف الأسماك يضمن الحصول عليها في أي وقت، وهو أحد الإبداعات البشرية، وقد تعامل بها أهل مدينة دبا الحصن، لأجل صنع وجبات لذيذة، خصوصاً أن السمك هو الوجبة الرئيسة، حيث كان يؤكل قديماً مع التمر فقط حين لا يتوفر الأرز، واستمرار طرق التجفيف ينم عن حس عالٍ بأهميته، من حيث وفرة العناصر في مكونات الأنواع التي يتم تجفيفها، مثل لحم سمك القرش الصغير.

هذه العملية المتعلقة بالتجفيف لم تعد مجرد حرفة تقليدية للمعيشة بسبب سوء الأحوال الجوية، حين لا يستطيع الصيادون الخروج للبحر لأجل الصيد، أو عدم توفر وسائل النقل مثل توصيل السمك لأماكن نائية، حيث أصبحت الأسماك متوفرة وبكثرة في الأسواق، بل إن هذا النوع من الغذاء مرغوب وتحرص الأسر على توفير بعض منه، حيث ارتبط بقائمة الوجبات الرئيسية عند أهل مدينة دبا الحصن، ولا بد من الحنين نحو وجبة “مرقة عوال” وغيرهما، وله مردود مادي واقتصادي للأسر التي تتعامل مع مجال الصيد والتجفيف، لأن الطلبات لم تنقطع منذ الماضي البعيد وحتى اليوم، ويجتذب سوق الأسماك المواطنين من مختلف الأنحاء. وتعقد الكثير من الصفقات وأيضاً العقود مع المطاعم التي تقدم وجبات شعبية وتراثية خاصة.

إن الثقافة الغذائية في الإمارات بشكل عام وفي مدينة دبا الحصن على وجه الخصوص لا يمكن أن تنفصل عن الموروث في مجال التغذية، وذلك يجعل المحترف في مجال التجفيف يستمر في هذا المجال، وفي كل سوق هناك متخصصون يواصلون العمل لأجل استدامة تجفيف الأسماك، لأنه مع كل عام من التطور لا ينسى محبو الوجبات البحرية الحصول عليه، ويحمل المسافرون شرائح  “العوال” عند سفرهم، فهناك حنين وربما حاجة لصنع تلك الوجبات المتعارف عليها، ومعها السمن المحلي المصنوع من زبدة الأبقار، وربما أصبحت الأسر المقيمة أيضاً تقبل على هذه الأنواع من الأطباق الشعبية، بعد أن تذوقتها من خلال الأصدقاء الإماراتيين بجوارهم، أو من خلال ارتيادهم للمطابخ الشعبية في مختلف أنحاء الدولة.


3 – العُوَالْ
الإمـــــــــــارات العربيــــــــــــة المتحدة إمــــــــــــــارة الشــــــــــــــارقة المجلس البلدي لمدينة دبا الحصن قائمة حصر التراث الثقافي (3) سمك "العُوَالْ" العُوَالْ؛  السمك المجفف، وهو وسيلة من وسائل حفظ ... قراءة المزيد
2 –  القاشع
دولة الإمارات العربية المتحدة إمـــــــــــــارة الشـــــــــــــــــــارقة المجلــــــــــس البلــــــــــدي لمدينــة دبا الحصــــن قائمــــــــــــة التـــــــــراث الثقــــــــــــافي (2) القَاشَع جاد البحر ومنذ القدم على أهل مدينة دبا الحصن ... قراءة المزيد
1 – حرفة المالح
دولة الإمارات العربية المتحدة إمــــــــــــارة الشـــــــــــــــارقة المجلــــــــــس البلـــــــــــــــدي لمدينـــة دبا الحصــــــــــن قائمـــــــــــــة الــــــــــتراث الثقــــــــــــــافي حرفة المَالَح تعد الحرف التقليدية أحد أهم الركائز التي تقوم عليها ... قراءة المزيد